فصل: المقصد الثاني في بيان مقاصد ما يكتب في الولايات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.المقصد الثاني في بيان مقاصد ما يكتب في الولايات:

وفيه جملتان:
الجملة الأولى في بيان الرسوم في ذلك ومقادير قطع الورق لكل صنف منها على سبيل الإجمال:
وهي على أربعة أنواع:
النوع الأول: التقاليد:
جمع تقليد. يقال: قلدته أمركذا لإذا وليته إياه. قال الجوهري: وهو مأخوذ من القلادة في العنق، يقال قلدت المرأة فتقلدت، قال: ومنه التقليد في الدين أيضاً.
ثم التقاليد تشتمل على طرة ومتن، فأما الطرة فقد أشار إليها التعريف بقوله: وعنوانها تقليد شريف لفلان بكذا. وأوضح ذلك في التثقيف فقال: وصورته: أن يكتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى المقر الكريم، أو إلى الجناب الكريم، أو إلى الجناب العالي الأميري الكبيري، الكافلي، الفلاني، أعز الله تعالى أنصاره، أو نصرته، أو ضاعف الله تعالى نعمته، نيابة السلطنة الشريفة بالشام المحروس، أو بحلب المحروسة، أو بطرابلس المحروسة، أو نحوها، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد على ماشرح فيه.
قلت: وتفضيل هذا الإجمال: إن كان المكتوب له التقليد هو النائب الكافل، كتب فيطرة تقليده: تقليد شريف بأن يفوض إلى المقر الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، الكفيلي، الفلاني، فلان الفلاني، بلقب الإضافة إلى لقب السلطان، كالناصري مثلاً، كفالة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلامية، أعلاها الله تعالى على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بكفالة السلطنة بالشام، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى لامقر الكريم العالي، الأمير ي، الكبيري، الكفيلي، فلانٍ الناصري، مثلاً كفالة السلطنة بالشام المحروس على أتم العوائد في ذلك وأجمل القواعد، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بحلب، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى الجناب الكريم العالي، الأميري، الكبيري، الكافلي، الفلاني، فلانٍ الناصري، أعز الله تعالى نصرته، نيابة السلطنة الشريفة بحلب المحروسة، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بنيابة طرابلس، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى الجناب الكريم العالي، الأميري، الكبيري، الكافلي، الفلاني، فلانٍ الناصري، أعز الله تعالى نصرته، نيابة السلطنة الشريفة بحلب المحروسة، على أجمل العغوائد في ذلك وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بنيابة طرابلس، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى الجناب العالي، الأميري، الكبيري، الكافلي، الفلاني، فلانٍ الناصري: ضاعف الله تعالى نعمته، نيابة السلطنة بطرابلس المحروسة، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بحماة، أبدل لفظ طرابلس بحماة.
وإن كان بنيابة السلطنة بصفد، أبدل لفظ وحماة بصفد، والباقي على ماذكر في طرابلس.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بغزة- حيث جعلت نيابةً- كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى الجناب العالي، الأميري، الكبيري، الكافلي، الفلاني، فلانٍ الناصري: أدام الله تعالى نعمته، نيابة السلطنة الشريفة بغزة المحروسة، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
فإن كان مقدم العسكر كما هو الآن، أبدل لفظ نيابة السلطنة الشريفة بلفظ تقدمة العسكر المنصور والباقي على ماذكر.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بالكرك، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى الجناب العالي الصاحبي، الفلاني، فلانٍ الناصري: ضاعف الله تعالى نعمته، الوزارة الشريفة بالممالك الإسلامية أعلاها تعالى، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بكتابة السر، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى الجناب العالي، القاضوي، الكبيري، اليميني، الفلاني، فلانٍ الناصري: ضاعف الناصري: ضاعف الله تعالى نعمته، صحابة دواوين الإنشاء الشريفة بالممالك الإسلامية، أعلاها الله تعالى، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بقضاء قضاة الشافعية بالديار المصرية، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى الجناب العالي،، القاضوي، الكبيري، الفلاني، فلان: أعز الله تعالى أحكامه، قضاء قضاة الشافعية بالديار المصرية، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور، على ماشرح فيه.
وإن كان التقليد بقضاء قضاة الحنفية، كتب كذلك، إلا أنه يبدل لفظ الشافعية بلفظ الحنفية.
وإن كان التقليد لأمير مكة، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي، الأميري، الكبير، الشريفي، فلانٍ الفلاني: أدام الله تعالى نعمته إمرة مكة المشرفة، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
وإن كان بإمرة المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، زالتحية والإكرام، كتب كذلك إلا أنه يبدل لفظ مكة المشرفة بلفظ المدينة الشريفة.
وإن كان بأمره آل فضل، كتب: تقليد شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي، الأميري، الكبيري، الفلاني: أدام الله تعالى نعمته إمرة آل فضل، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
هذه جملة ماعهدت كتابته من التقاليد المكتتبة من ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة، فإن ماحدث كتابة مايستحق أن يكتب له تقليد، كالأتابكية ونحوها، كتب بالألقاب اللائقة بصاحبه.
ثم وراء ذلك أمران: أحدهما- أنه قد تقدم نقلاً عن التعريف أنه يكتب في العنوان الذي هو الطرة: تقليد شريف لفلان بكذا فإن كتب تقليد بكفالة السلطنة مثلاً، كتب: تقليد شريف للمقر الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، الفلاني، بكفالة السلطنة الشرفة بالممالك الإسلامية، لى أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ماشرح فيه.
الثاني- أنه اقتصر في التثقيف على قوله في آخر الطرة، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، وليس الأمر منحصراً في ذلك، بل لو عكس بأن قيل: تقليد شريف بأن يفوض إلى فلان كذا، أو تقليد شريف لفلان بكذا على أكمل القواعد وأجمل العوائد على ماشرح فيه، لكان سائغاً.
فإن كان صاحب التقليد على الرتبة: كالنائب الكافل، ونائب الشام، ونائب حلب، والوزير، وكاتب السر، ونحوهم، كتب على أجمل العوائد وأتمها، وأكمل القواعد وأعمها، أو بالعكس: بأن يكتب على أجمل العوائد وأعمها، وأكمل القواعد وأتمها، على ماشرح فيه.
وأما متن التقليد، فقد قال في التعريف إن التقاليد كلها لاتفتتح إلا بالحمد لله وليس إلا، ثم يقال بعدها: أما بعد، ثم يذكر ماسنح في حال الولاية وحال المولى، وحسن الفكر فيمن يصلح، وأنه لم ير أحق من ذلك المولى ويسمى، ثم يقال مايفهم أنه هو المقدم الوصف أو المتقدم إليه بالإشارة؛ ثم يقال: رسم بالأمر الشريف العالي، المولوي، السلطاني، الملكي، الفلاني ويدعى له أن يقلد كذا، أو أن يفوض إليه كذا، والأول أجل، ثم يوصى بما يناسب تلك الولاية مما لابد منه تارةً جملياً وتارة تفصيلياً، وينبه فيه على تقوى الله تعالى؛ ثم يختم بالدعاء للمولى، ثم يقال: وسبيل كل واقفٍ عليه العمل به بعد الخط الشريف أعلاه.
قال: ولفضلاء الكتاب في هذا أساليب، وتفنن كثير الأعاجيب، وكل مألوف غريب، ومن طالع كلامهم في هذا وجد ماقلناه، وتجلى له ماأبهمناه.
وذكره في التثقيف بأوضح معنى وأبين، فقال: ويكتب بعد الصدر بخطبة مناسبة أولها الحمد لله إلى آخرها، ثم أما بعد، ويذكر مايرى ذكره من حال الولاية والمولى، ويذكر اسمه، وهو أن يقال: ولما كان المقر، أو الجناب، وألقابه ونعوته إلى آخرها، ويدعى له: أعز الله أنصاره أو نصرته، أو نحوه، على ماجرت به عادته، ولايزاد على دعوةٍ واحدة؛ ثم يقال مايفهم أنه المراد بهذه الأوصاف؛ أو المعني بهذه الإشارة أو نحو ذلك؛ ثم يقال: اقتضى حسن رأينا الشريف، ويذكر مايقتضى تكريمه وتعظيمه؛ ثم يقال: فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي، المولوي، السلطاني، الملكي، الفلاني، الفلاني، ويدعى له بما يناسب الحال ثلاث دعوات أو أربعاً أن يفوض إلى المشار إليه كذا؛ ثم يقال: فليتلقد ذلك، أو فليتلق هذا التفويض، أو نحو هذا؛ ثم يوصى بما يناسب تلك الولاية مما لابد منه، ويحرص أن ينبه فيه على العمل بالتقوى؛ ثم يختم بالدعاء للمولى بالإعانة والتأييد ونحو ذلك ثلاث دعوات، وأكثرها أربع، وأقلها اثنتان؛ ثم يقال: بعد الخط الشريف شرفه الله تعالى وأعلاه أعلاه إن شاء الله تعالى؛ ثم التاريخ والمستند، والحمدلة، والحسبلة على العادة. ولم يقل فيه: وسبيل كل واقف عليه، كما قال في التعريف.
واعلم أن التقاليد على اختلافها ولاتخرج في مقادير قطع الورق عن مقدارين: الأول- قطع الثلثين بقلم الثقيل. وفيه يكتب لنواب السلطنة بمصر والشام مطلقاً، وكذلك الوزير والمشير، وكاتب السر، وقاضي قضاة الشافعية والحنفيه بالديار المصرية.
الثاني- قطع النصف بقلم الثلث. وفيه يكتب لذوي التقاليد من أمراء العرب: وهم أمير مكة المشرفة، وأمير المدينة الشريفة، وأمير آل فضل من عرب الشام على ماتقدم ذكره. ولايكتب من التقاليد شيء فيما دون هذا المقدار من قطع الورق بحال. وسيأتي الكلام على نسخ التقاليد فيما بعد، إن شاء تعالى.
النوع الثاني مما يكتب في الولايات السلطانية: المراسيم:
جمع مرسوم، أخذاً من قولهم: رسمت له كذا فارتسمه إذا امتثله، أم من قولهم: رسم علي كذا إذا كتب، ويحتمل أن يكون منهما جميعاً.
وهي على ضربين:
الضرب الأول: المراسيم المكبرة:
لم يتعرض لها المقر الشهابي ابن فضل الله في التعريف لأنها لم تكن مستعملةً في زمنه وإنما حدثت بعده.
قال في التثقيف: وهي على نمط التقاليد ليس بينهما اختلاف إلا في أمرين: أحدهما- أنه لايكتب شيء من المراسيم في قطع الثلثين بل في قطع النصف أو الثلث. الثاني- أنه لايقال فيها تقليد شريف بل مرسوم شريف.
قلت: ويفترقان من أربعة وجوه. أحدها- أنه يقتصر في طرة المرسوم على الأميري دون الكبيري بخلاف التقاليد فإنه يقال فيها الأميري الكبيري. الثاني- أنه يقال في المرسوم: أن يستقر ولايقال: أن يفوض ولا: أن يقلد. الثلث- أنه لايقال: ( على أجمل العوائد وأتم القواعد بل يقال: على عادة من تقدمه وقاعدته. الرابع- أنه لايقال في الصدر: أما بعد بل وبعد.
قال: وهي تختص بنواب القلاع المنصورة بالممالك الإسلامية، وأمراء العربانممن بالشام وحلب، وشادي مراكز البريد وغيرهم.
ثم هي على طبقتين: الطبقة الأولى- ما يكتب في قطع النصف بقلم خفيف الثلث، وذلك للنواب بالقلاع: من مقدمي الألوف والطبلخانات: كنائب حمص، والرحبة، والبيرة، وقلعة المسلمين، وملطية، وطرسوس، وأذنة، وبهسنى، والفتوحات الجاهانية وغيرها ممن يكتب له المجلس العالي والسامي بالياء أو بغير ياء لى ماتقدم بيانه في المكاتبات إليهم. وكذلك بعض أمراء العربان وهم أمير آل علبي، وأمير بني عقبة. قال في التثقيف: وصورة مايكتب في الطرة أن يكتب: مرسوم شريف بأن يستقر المجلس العالي أو السامي الأميري، الفلاني، فلان ويدعى بما يناسبه في النيابة في الجهة الفلانية على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته على ماشرح فيه.
فإن كانت النيابة تقدمة ألف: كنيابة الرحبة ونحوها، كتب في طرة مرسوم نائبها: مرسوم شريف بأن يستقر المجلس العالي الأميري الفلاني فلان، أدام اله تعالى نعمته في المكان الفلاني على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته.
وإن كانت النيابة طبلخاناه كتب: مرسوم شريف بأن يستقر المجلس السامي الأمير فلان، أدام الله تعالى تأييده في النيابة بمكان كذا، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته، أو كتب: مرسوم شريف أن يستقر المجلس السامي الأمير فلان الدين فلان، أدام الله تعالى تأييده في النيابة بمكان كذا، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته.
وإن كانت نيابة قلعة دمشق، كتب: مرسوم شريف بأن يستقر المجلس العالي، الأميري، فلان، أدام الله تعالى نعمته في النيابة بالقلعة المنصورة بدمشق المحروسة، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته، على ماشرح فيه. وكذلك كل قلعة بحسب ألقاب نائبها التي يكاتب بها.
ثم يكتب في الصدر بعد البسملة خطبة مفتتحة بالحمد لله، ثم يقول: وبعد، ويأتي بنحو ماتقدم ذكره في التقاليد، ثم يقال: ولما كان المجلس العالي أو السامي إلى آخر ألقابه، ثم يقال: فلان، ويدعى له بما جرت به عادته، ويقال مايفهم منه أنه المقصود بما تقدم ذكره من المدح والأوصاف السابقة؛ ثم يقال: فلذلك رسم بالأمر الشريف إلى آخره أن يستقر المشار إليه في كذا على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته، فليتلق ذلك ونحوه. ثم يوصى بما يناسب وظيفته التي تولاها، ويختم بنظير ماتقدم ذكره في ختم التقاليد.
الطبقة الثانية- من المراسيم المكبرة مايكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات. قال في التثقيف: وصورته في الطرة والصدر على ماتقدم في الطبقة الأولى، إلا أن خطبته تفتتح بأما بعد حمد الله، وتختتم بما تقدم ذكره. قال: وقد تكتب لنواب القلاع من أمراء العشرات: مثل نائب بغراس، ونائب الدربساك، ونائب كركر، ونائب الكختا، ونحوها. قال: وكذلك أرباب الوظائف غير النيابات، مثل شاد الدواوين بالشام وحلب، وشاد مراكز البريد بهما، ونحو ذلك؛ وبعض أمراء العرب: كأمير بني مهدي، ومقدم عرب جرم، ومقدم عرب زبيد؛ على ندرة فيه. فإن كان المرسوم بنيابة من النيابات المذكورة وغيرها، كتب: مرسوم كريم بأن يستقر المجلس السامي، الأمير فلان الدين أعزه الله تعالى في النيابة ببغراس، أو بالدربساك، أو بكرك، وماأشبه ذلك على عادة من تقدمه وقاعدته. وإن كان بالشام أو بحلب، كتب: مرسوم كريم أن يستقر المجلس السامي، الأمير، فلان الدين: أعزه الله تعالى في شد الدواوين بالمكان الفلاني، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته على ماشرح فيه. وإن كان بشد مراكز البريد، أبد لفظ شد الدواوين بلفظ شد مراكز البريد بالمكان الفلاني. وإن كان بإمرة بني مهدي، كتب: في إمرة بني مهدي، على عادة من تقدمه وقاعدته. وإن كان بتقدمة عرب جرم، كتب: في تقدمة عرب جرم، على عادة من تقدمه وقاعدته. وإن كان بتقدمة عرب زبيد، أبدل لفظ جرم بزبيد، وعلى ذلك.
الضرب الثاني: المراسيم المصغرة:
وهي مايكتب في قطع العادة، وبها يكتب لأرباب السيوف بالولايات الصغيرة مثل نظر الأوقاف ونحوه. وهي صنفان:
الصنف الأول- مايترك فيه أوصال بياض بين الطرة والبسملة، وهي أعلاها، ويكتب بالسامي بغير ياء أو مجلس الأمير: وصورتها أن يكتب في الطرة: مرسوم شريف أن يستقر المجلس السامي الأمير فلان الدين، أو مجلس الأمير فلان في كذا وكذا بما لذلك من المعلوم الشاهد به ديوان الوقف، أو نحو ذلك، على ماشرح فيه ثم يكتب في الصدر بعد البسملة ما صورته: رسم بالأمر الشريف العالي، المولوي، السلطاني، الملكي، الفلاني باللقب الخاص ولقب السلطنة ويدعى له بما فيه براعة الاستهلال بذكر الوظيفة أو اسم صاحبها أو لقبه ونحو ذلك، وأقلها ثلاث فقرات فما زاد أن يستقر المجلس السامي، الأمير، الأجل إلى آخر ألقابه، أو أن يستقر مجلس الأمير، الأجل إلى آخر الألقاب لما له من كذا وكذا ويأتي من صفات المدح بما يناسب المقام ثم يقال: فليباشر ذلك، أو فليتلق ذلك، أو فليقابل صدقاتنا الشريفة بكذا ونحو ذلك؛ ثم يوصى بما يليق به، ويدعى له بدعوتين فقط؛ ثم يقال: بعد الحظ الشريف العالي أعلاه الله تعالى.
قلت: وهذا الصنف إن روعي صاحبه، كتب في قطع العادة المنصوري، وإلا ففي قطع العادة الصغير. قال في التثقيف: ومما ينبه عليه أنه لايكتب مرسوم شريف في قطع العادة إلا بمثل نيابة الشقيف بسفد وصرخد وعجلون والصبيبة، فإنه لايولى فيها إلا مقدم حلقة أو جندي، ومثل هذا لايكتب عن المواقف الشريفة إلا نادراً، فإن كفال الممالك يستبدون بالتولية في ذلك.
الصنف الثاني- مايكتب في هيئة ورقة الطريق، ويكون في ثلاثة أوصال؛ وصورته أن يكتب في الطرة ماصورته: مرسوم شريف أن يستقر فلان، أو أن يرتب فلان في كذا وكذا، على ماشرح فيه ويكون ذلك في سطرين، ولا يكتب في أعلاه اسم الشريف كما يكتب في غيره: لأن من المعلوم أنه لايكتب في هذا إلا الاسم الشريف فيستغنى عن ذكره؛ ثم يكتب في آخرذلك الوصل: رسم بالأمر الشريف على نحو ماتقدم، إلا أنه لايحتاج في الدعاء إلى مايكون فيه براعة استهلال، بل يكفي أعلاه الله وشرفه، وأنفذه في الآفاق وصرفه ونحو ذلك أن يستقر فلان في كذا أو يرتب في كذا، فليعتمد ذلك ويعمل بحسبه ومقتضاه، بعد الخط الشريف أعلاه الله تعالى أعلاه، إن شاء الله تعالى.
النوع الثالث مما يكتب في الولايات السلطانية: التفاويض:
جمع تفويض؛ وهو مصدر فوض الأمر إلى زيد إذا رده إليه، ومنه قوله تعالى: وأفوض أمري إلى الله أي أرده إليه. قال في التعريف: وبه يكتب لعامة القضاة، يعني ممن دون أرباب التقاليد، وهي من نمط التقاليد، غير أنها يقال في تعريفها تفويض شريف لفلان بكذا. ومقتضى ماذكره أنه إذا كتب تفويض شريف لفلان بكذا ومقتضى ماذكره أنه إذا كتب تفويض شريف بقضاء قضاة الديار المصرية مثلاً يكتب في الطرة: تفويض شريف للمجلس العالي، القاضوي، الكبير، بقضاء قضاة المالكية بالديار المصرية، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه ثم يأتي بنحو ما تقدم ترتيبه في التقاليد، إلا أنه يكون أخصر.
قلت: ولم أقف على نسخة تفويض غير نسخةٍ واحدةٍ من إنشاء المقر الشهابي ابن فضل الله لبعض قضاة دمشق. وقد أنشأت أنا تفويضاً بقضاء قضاة المالكية في الديار المصرية لقاضي القضاة جمال الدين يوسف البساطي، حين ولي على أثر ولاية بقاضي القضاة جلال الدين البلقيني قضاء قضاة الشافعية، افتتحته بلفظ: الحمد لله الذي شفع جلال الإسلام بجماله وكتبت له به، وكتبت في طربته: تفويض شريف للمجلس العالي، القاضوي، الجمال، يوسف البساطي المالكي، عز الله تعالى أحكامه بقضاء قضاة المالكية بالديار المصرية، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ماشرح فيه. وقرأته بالمجلس العام بالمدرسة المنصورية. وسيأتي ذكر نسخته في الكلام على النسخ في المقصد الثاني من هذا الطرف، إن شاء الله تعالى.
النوع الرابع: التواقيع:
جمع توقيع، قد تقدم في مقدمة الكتاب عن ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب: أن التوقيع معناه في اللغة الخفيف، ومنه قولهم: ناقة موقعة الجنبة إذا أثر فيها الرحل تأثيراً خفيفاً، وأنه يحتمل غير ذلك. وفي اصطلاح الأقدمين من الكتاب أنه اسم لما يكتب في حواشي القصص كخط الخليفة أو الوزير في الزمن المتقدم، وخط كاتب السر الآن؛ ثم غلب حتى صار علماً على نوع خاص مما يكتب في الولايات وغيرها. قال في التعريف: وهي على أنموذج التفاويض. قال: وقد يقال: أن يرتب، وأن يقدم، ثم قال: وعنوانها توقيع شريف لفلان بكذا ولا يقال فيها على اختلافها: وسبيل كل واقفٍ عليه كما في التقاليد، يل يقال: فليعتمد ما رسم به فيه بعد الخط الشريف أعلاه. وقد ذكر في التعريف أنها يكون لعامة أرباب الوظائف جليلها وحقيرها، وكبيرها وصغيرها، حتى الطبلخانات اللاحقين بشأو الكبار فمن دونهم. وقال في التثقيف: إنها مختصة بالمتعممين من أرباب الوظائف الدينية والديوانية، ولا يكتب لأرباب السيوف منها إلا القليل: مثل نظر البيمارستان، ونظر الجامع الجديد، ونظر الحرمين الشريفين، يعني حرم القدس وحرم الخليل عليه السلام.
قلت: والجامع بين كلاميهما أنه في زمن صاحب التعريف كانت التواقيع تكتب بالوظائف لأرباب السيوف من النيابات وغيرها قبل أن تحدث المراسيم المكبرة المقدمة الذكر؛ ثم خصت التواقيع بعد ذلك بالمتعممين دون أرباب السيوف. ومضى الأمر على ذلك في زمن صاحب التثقيف فحجرى على حكمه ولم يبق ممن يكتب له توقيع من أرباب السيوف سوى نظار الجهات الثلاث المتقدمة الذكر: من البيمارستان المنصوري، والجامع الجديد الناصري بمصر، ونظر الحرمين: حرم القدس الشريف، وحرم الخليل عليه السلام. الحكم باقٍ على ذلك إلى الآن.
ثم التواقيع على اختلافها لا تخرج عن أربع طبقات:
الطبقة الأولى: ما يفتتح بخطبة مفتتحة بالحمد لله:
وفيها مرتبتان:
المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع النصف بقلم خفيف الثلث. قال في التثقيف: وصورته يعني ما يكتب لأرباب الأقلام أن يكتب في الطرة: توقيع شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي، القاضوي، الكبيري، الفلاني، ويدعى له دعوةً واحدة نظر الجامع الجديد الناصري بما جرت به عادته، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقتٍ على ما شرح فيه قال: فإن كان حاكماً، كتب له بعد الكبيري، الحاكمي. وإن كان كاتب السر، كتب له بعد الكبيري، اليميني، لا غير. ثم يكتب في الصدر خطبة مفتتحة بالحمد لله ثم يقال: أما بعد، والتتمة على نظير ما ذكر في التقاليد إلا فيما يليق بالوظيفة والمتولي لها مما يناسب الحال. وقد ذكر في التثقيف أنه كان يكتب بذلك للقضاة الأربعة بالديار المصرية، والقضاة الأربعة بالشام، وكاتب السر بمصر والشام، وناظر الجيش بهما، وناظر الدواوين المعمورة والصحبة الشريفة، وهو ناظر الدولة.
وحينئذ فإن كتب بذلك لقاضي القضاة الشافعية بالديار المصرية على ما كان الأمر عليه أولاً، كتب في الطرة توقيع شريف بأن يستقر المجلس العالي، القاضوي، الكبيري، الفلاني، فلان: أعز الله أحكامه، في قضاء قضاة الشافعية بالديار المصرية، على أجمل العوائد وأتمها، وأكمل القواعد وأعمها، بما لذلك من المعلوم الشاهد به الديوان المعمور، على ماشرح فيه.
وإن كتب به لقاضي القضاة الحنفية، على ماكان الأمر عليه أولاً أيضاً، كتب له نظير قاضي القضاة الشافعية إلا أنه يبذل لفظ الشافعية بالحنفية.
وإن كتب لقاضي القضاة المالكية، على ما الأمر مستقر عليه الآن، كتب له كذلك، وأبدل لفظ الشافعية والحنفية بالمالكية.
وإن كتب به لقاضي الحنفية، على ما كان الأمر عليه أولاً أيضاً، كتب له نظير قاضي القضاة الشافعية إلا أنه يبدل لفظ الشافعية بالحنفية.
وإن كتب لقاضي القضاة المالكية، على ما الأمر مستقر عليه الآن، كتب له كذلك، وأبدل لفظ الشافعية والحنفية بالمالكية.
وإن كتب لقاضي القضاة الحنابلة فكذلك، ويقال فيه الحنابلة.
وإن كتب به لأحد من القضاة الأربعة بالشام، فكذلك، إلا أنه يقال قضاء قضاة الشافعية أو الحنفية أو المالكية أو الحنابلة بالشام المحروس.
وإن كتب به لكاتب السر على ماكان الأمر عليه أولاً، كتب: توقيع شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي، القاضوي، الكبيري، اليميني فلان، ضاعف الله تعالى نعمته، صحابة دواوين الإنشاء بالممالك الإسلامية أعلاها الله تعالى، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور، على ماشرح فيه.
وإن كتب به لكاتب السر بالشام، أبدل لفظ الممالك الإسلامية بالشام المحروس.
وإن كتب به لناظر الجيش بالديار المصرية، كتب: توقيع شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي، القاضوي، الكبيري، الفلاني: ضاعف الله تعالى نعمته، نظر الجيوش المنصورة بالممالك الإسلامية، أعلاها الله تعالى على ما شرح فيه.
وإن كتب به لناظر الجيش بالشام، أبد لفظ الممالك الإسلامية بالشام المحروس.
وإن كتب به لناظر الدولة، كتب: توقيع شريف بأن يفوض إلى الممجلس العالي، القاضوي، الكبيري، الفلاني، فلان، ضاعف الله تعالى نعمته، نظر الدواوين المعمورة والصحبة الشريفة، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه.
وإن كتب به لناظر البيمارستان وكان صاحب سيفٍ، كتب: توقيع شريف أن يفوض إلى المقر الكريم، أو الجناب الكريم، أو العالي على قدر رتبته الأميري، الكبيري، الفلاني، فلان الناصري مثلاً: أعز الله أنصاره، أ نصرته، أو ضاعف الله تعالى نعمته بحسب مايليق به نظر البيمارستان المعمور المنصوري، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، لما لذلك من المعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه. وكذلك نظر الجامع الجديد ونظر الحرمين الشريفين كل بما يناسب الألقاب. وعلى ذلك.
المرتبة الثانية من التواقيع- مايكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات، وهو لمن مرتبته السامي بالياء. قال في التثقيف: وصورته في الطرة والصدر على ماتقدم شرحه لكن بأخصر مما تقدم. قال: وبذلك يكتب لنقيب الأشراف ولقضاة القضاة بحلب وطرابلس وحماة وصفد والكرك، وكذلك لقضاة العسكر بالممالك المذكورة والمفتين بدار العدل بها، ووكلاء بيت المال بها، والمحتسبين، ونظار الجيش بها، وكتاب الدست بمصر والشام، وناظر البيوت بالديار المصرية. وكذلك ناظر خزائن السلاح، ومستوفي الصحبة، وناظر بيت المال، وناظر الخزانة الكبرى وخزانة الخاص، وناظر الأحباس، ومشايخ الخوانق الكبار: كسعيد السعداء، وبيبرس بالقاهرة، والشيمصاتية 7 بدمشق، وكذلك تقدمة التركمان بالشام، وتقدمة الأكراد به، ومشيخة العائد.
فإن كتب بذلك لنقيب الأشراف، كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، الأميري، الفلاني، فلان: أدام الله تعالى علوه، في نقابة الأشراف بالديار المصرية، على عادة من تقدمه وقاعدته، على ماشرح فيه.
وإن كتب لقاضي قضاة الشافعية بحلب، كتبتوقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، الأميري، الفلاني، فلان: أدام الله تعالى علوه، في نقابة الأشراف بالديار المصرية، على عادة من تقدمه وقاعدته، على ماشرح فيه.
وإن كتب لقاضي قضاة الشافعية بحلب، كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني، فلان: أيد الله تعالى أحكامه، في قضاء قضاة الشافعية بحلب المحروسة، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته على ما شرح فيه.
وإن كتب للحنفي بها كتب كذلك، وأبدل لفظ الشافعية بالحنفية وكذا في المالكية والحنابلة.
وإن كتب لأحد قضاة القضاة بغيرها: كطرابلس، وحماة، وصفد، والكرك، وأبدل لفظ حلب بلفظ تلك المدينة، والباقي على حكمه.
وإن كتب لأحد قضاة العسكر بالممالك المذكورة، كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي، القضائي، فلان الشافعي، مثلاً أو نحو ذلك: أيد الله تعالى أحكامه، في قضاء العسكر المنصور بالمكان الفلاني، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته.
وإن كتب بإفتاء دار العدل بشيء من هذه الممالك، أبدل لفظ قضاء العسكربلفظ إفتاء دار العدل والباقي على حكمه.
وإن كتب لأحد من وكلاء بيت المال بها، كتب: توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني، فلان: أدام الله تععالى رفعته، في وكالة بيت المال المعمور بالمكان الفلاني، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته.
وإن كتب لأحد من المحتسبين بهذه الممالك، كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني: فلان: أدام الله تعالى رفعته، في نظر الجيوش المنصورة بالمملكة الفلانية، على عادة من تقدمه وقاعدته.
وإن كتب لأحد من كتاب الدست بالديار المصرية، كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني، فلان: أدام الله تعالى رفعته، غي كتاب الدست الشريف بالأبواب الشريفة. ثم إن كان عن وفاةٍ عينه أو بنزول عينه.
وإن كان بالشام، أبدل لفظ بالأبواب الشريفة بلفظ بالشام المحروس.
وإن كتب بذلك في نطر البيوت بالديار المصرية، كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني: أدام الله رفعته، في خزائن السلاح المنصورة، على عادة من تقدمه في ذلك قاعدته.
وإن كتب ياستيفاء الصحبة، كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني: أدام الله رفعته، في نظر بيت المال المعمور، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته.
وإن كتب بنظر الخزانة الكبرى، كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني، أدام الله رفعته، في نظر الخزانة العالمية الكبرى، على عادة من تقدمه وقاعدته، وإن كتب بنظر خزانة الخاص، أبدل لفظ الخزانة العالية الكبرى بلفظ خزانة الخاص الشريف، والباقي على ماتقدم.
وإن كتب بنظر االأحباس، كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، القضائي، الفلاني، فلان: أدام الله تعالى رفعته، في نظر الأحباس المبرورة، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته.
وإن كتب بمشيخة الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي، الشيخي، الفلاني: أعاد الله تعالى من بركاته، في مشيخة الخانقاه الصلاحية، على عادة من تقدمه وقاعدته.
وإن كتب بمشيخة خانقاه بيبرس، أبدل لفظ الخانقاه الصلاحية بلفظ الخانقاه الركنية بيبرس والباقي على ماتقدم.
وإن كتب بمشيخة الشيمصاتية بدمشق، أبدل ذلك بلفظ الخانقاه الشميصاتية بالشام المحروس وإن كتب بتقدمة التركمان بالشام، كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي، الفلاني: أعزه الله تعالى، في تقدمة التركمان بالشام المحروس، على عادة من تقدمه وقاعدته.
وإن كتب بتقدمة الأكراد، أبدل لفظ التركمان بلفظ الأكراد. وإن كتب بمشيخة العائد، كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي، الفلاني: أعزه الله تعالى، في مشيخة العائد، على عادة من تقدمه وقاعدته. وعلى ذلك.
الطبقة الثانية من التواقيع: ما يفتتح بلفظ أما بعد حمدا لله وهو لمن رتبته السامي بغير ياء:
وهي على مرتبتين:
المرتبة الأولى- مايكتب في قطع الثلث، وهو الأصل فيما يكتب في الثلث ثم ترقي عنه إلى رتبة الافتتاح بالحمد. ألا ترى أن المناشير التي تكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات تفتتح كلعها بلفظ أما بعد على ماسيأتي بيانه في المقالة السادسة في الكلام على المناشير، إن شاء الله تعالى.
وصورته أن يكتب في الطرة توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي، القضائي، فلان الدين أو الشيخ فلان الدين في كذا، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته، على ماشرح فيه ثم يكتب في الصدر أما بعد حمد اللهوصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ثم يقول: فإن أولى الأمور بكذا من هو بصفة كذا أو إن أولى الناس بالتقديم من هو متصف بكذا ونحو ذلك؛ ثم يقال: ولما كان المجلس ويؤتى بنحو ماتقدم من المفتتح بالحمد لله.
قلت: وقد قل استعمال هذا الضرب بديوان الإنشاء الشريف وإن كان هو الأصل فيما يكتب في هذا القطع، حتى لايكاد يكتب به إلا في النادر، تغالياً في رفعة المكتوب لهم، مع المسامحة لهم في مثل ذلك.
المرتبة الثانية- مايكتب من هذه الطبقة في قطع الثلث. قال في التثقيف: وهو قليل جداً لايكون إلا في تدريس كبير، أو نظر وقفٍ كبير، أو كبيرٍ قديم الهجرة في الخدمة الشريفة، إلا أن الوظيفة صغيرة لاتقتضي أن تكون في قطع الثلث.
الطبقة الثالثة من التواقيع: ما يفتتح بلفظ رسم بالأمر الشريف:
وهي على مرتبتين المرتبة الأولى- مايكتب في قطع العادة المنصوري بقلم الرقاع، وهو لمن رتبته السامي بغير ياء ممن لم تبلغ رتبته قطع الثلث. قال في التثقيف: وصورته أن يكتب في الطرة توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين: أعزه الله تعالى في كذا، أو أن يرتب، أو أن يقدم ويذكر ماتضمنه الشاهد من قصةٍ أو قائمةٍ من ديوان الوزارة أو الخاص أو غير ذلك على ماشرح فيه. قال: ثم يكتب في الصدر بعد البسملة رسم بالأمر الشريف العالي، المولوي، السلطاني، الملكي، الفلاني، الفلاني، باللقب الخاص، ولقب السلطنة: مثل الناصري، الزيني، ونحوذلك ويدعى للسلطان بأدعية تناسب الوظيفة والمتولي لها، وأقلها ثلاث فقرات فما زاد أن يستقر المجلس السامي، القاضي، فلان الدين فلان، أو مجلس القاضي فلان الدين فلان: أعزه الله تعالى في كذا، لما له من صفاتٍ هي كذا وكذا ويأتي من صفات المدح بما يناسب المقام ثم يقال: فليباشر ذلك، أو فليتلق هذا الإحسان، أو فليقابل صدقاتنا الشريفة ونحو ذلك؛ ثم يوصى بما يليق بتلك الرتبة، ويدعى له بسجعتين فقط. ثم يقال: بعد الحظ الشريف أعلاه. ثم قال: وبذلك يكتب لكتاب الدرج، ومستوفي الدولة، وناظر الأهراء، وناظر المطابخ، ومشايخ الخوانق الصغار، والتداريس الصغار، وأنظار الأوقاف الصغار، ونحوذلك مما لايأخذه حصر.
وحينئذ فإن كتب بذلك لكاتب درج، كتب في الطرة توقيع شريف أ، يستقر مجلس القاضي فلان الدين فلان: أعزه الله تعالى في كتابة الدرج الشريف وإن كتب به لمستوفٍ من مستوفي الدولة، كتب أن يستقر المجلس السامي، القاضي، فلان الدين فلان: أدام الله نعمته، في استيفاء الدولة الشريفة على عادة من تقدمه وإن كتب لناظر الأهراء، كتب0 أن يستقر المجلس السامي، القاضي، فلان الدين فلان: أدام الله رفعته، في نظر المطابخ السعيدة وإن كتب فنظر مطابخ السكر، كتبأن يستقر المجلس السامي، القاضي فلان الدين فلان: أدام الله رفعته في نظر المطابخ السعيدة.
وإن كتب بمشيخة خانقاه صغيرة، كتب بأن يستقر المجلس السامي، القاضي، فلان الدين فلان: نفع الله تعالى ببركته، في مكشيخة الخانقاه الفلانية، على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته.
وإن كتب بتدريس صغير، كتب أن يستقر في تدريس المدرسة الفلانية، على عادة من تقدمه وقاعدته.
وإن كتب بنظر وقف، كتب أن يستقر في نظر الوقف الفلاني ونحو ذلك.
ثم إن كان لشيءٍ من ذلك معلوم يشهد به الديوان السلطاني ككتابة الدرج واستيفاء الدولة، كتب بعد قوله وقاعدته: بما لذلك من المعلوم الشاهد به الديوان المعمور.
وإن كان الشاهد بالمعلوم كتاب وقف، كتب بما لذلك من المعلوم الشاهد به كتاب الوقف المبرور. ويقول في آخر طرة كل ولاية من التقاليد، والتفاويض، والمراسيم، والتواقعي على اختلافها: على ماشرح فيه.
الطبقة الرابعة: التواقيع الصغار:
وهي لأصغر ما يكون من الولايات: من نظر وقفٍ صغيرٍ ونحو ذلك، ويكون في ثلاثة أوصال ونحوها وهي على ضربين:
الضرب الأول- ما يكتب على مثال أوراق الطريق.
وصورتها أن يكتب في أعلى الدرج: توقيع شريف بأن يستقر فلان في كذا، على ماشرح فيه. ويكون ذلك في سطرين؛ ثم يكتب في آخر ذلك الوصل: رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني إلى آخر ماتقدم في الطبقة الثالثة، ويقال في الدعاء: أعلاه الله وشرفه، وأنفذه وصرفه ونحو ذلك، ثم قال: أن يستقر فلان في كذا ويشرح ماتضمنه الجواب في هامش القصة، ثم يقال: فليعتمد هذا المرسوم الشريف كل واقفٍ عليه، ويعمل بحسبه ومقتضاه، من غير عدول عنه ولاخروج عن معناه، بعد الخط الشريف أعلاه.
الضرب الثاني- مايكتب على ظهور القصص.
وكيفيته أن تلصق القصة التي شملها جواب كاتب السر أوغيره على وصلين من ورق العادة الصغير. قال في التثقيف: وصورتها أن يكتب في ظاهر القصة بغير بسملة قبل الوصل الذي وصله بنحو أربع أصابع ماصورته: رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني على نحو ماتقدم. ويدعى له: أعلاه الله وشرفه، وأنفذه وصرفه على ماتقدم في الضرب الأول، ثم يقال: أن يتأمل ما أنهاه رافعها باطناً، وليتقدم بكذا وكذاويشرح ماتضمنه الجواب في هامش القصة، ثم يقال: فليعتمد هذا المرسوم الشريف كل واقف عليه، ويعمل بحسبه ومقتضاه، بعد الخط الشريف أعلاه. قال: وإن كان رافع القصة ممن هو متميز بعد التميز قيل: مترجمها بدل رافعها؛ فإن زيد في قدره، قيل: ماذكره مجلس القاضي أو المجلس السامي القاضي إن كان من هذه الرتبة، وتذكر بعض ألقابه، ثم يقال: أدام الله علوه أو أعزه الله، فليتقدم ويكمل إلى آخره.
واعلم ان المقر الشهابي ابن فضل الله رحمه الله قد ذكر في التعريف افتتاحات أخرى للتواقيع بين رتبة أما بعد حمد الله ورتبة رسم بالأمر الشريف فقال: بعد الافتتاح بأما بعد حمد الله: وقد تستفتح بقول: أما بعد فإن أولى ماكان كذا أو ماهذا معناه، وقد تستفتح بقول: من حسنت طرائقه، وحمدت خلائقه أو ماهذا معناه، وجعلها رتبة بعد رتبة.
قلت: وهذه الافتتاحات كانت مستعملة في الدولة العباسية ببغداد، وفي الدولة الفاطمية بالديار المصرية والبلاد الشامية، ثم في الدول التركية إلى زمن المقر الشهابي المشار إليه في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون؛ ثم رفضت بعد ذلك، وترك استعمالها بالديار المصرية البتة، فلم يكن أحد من كتاب ديوان الإنشاء يستعمل شيئاً منها.